[center][center]الفصــل الثانــي
((قاعة الامبراطور عجب العجب وهي أكثر فخامة من القاعتين السابقتين .. فسيحة وكبيرة ومن
الممكن أن يكون المسرح بكاملة قاعة .. خصوصاً وأنه سيجري فيها إجتماع لولاة الامبراطورة
وعددهم ستة ..))
((القاعة خالية عدا عن جنديين يحرسانها من ناحية المدخل .. يدخل حارس لدخول الامبراطور ..
بوق ..))
الحارس : امبراطورنا العجيب .. صاحب الفكر الراشد والقلب الصامد والرأي الرائد والرأس المجرب عجب
العجب (بوق).
((يدخل الامبراطور ومعه حارسان .. يعتلي كرسي الامبراطورية وواضح أنه مستاء ومتأفف من
أمر ما .. ويصفق كفاً بكف.
عجب : أخضروهم .
(يدخل شخصان)
عجب : هل الحرب مستمرة بعد .
الأول : توقفت سيدي الإمبراطور
عجب : من أوقفها شركان أم دندان؟
الثاني : ولا واحد .. بنفسها وقفت فالمحاربون انتهوا .. أصبحت الحرب بلا وقود ما فيه رجال طال عمرك
لدرجة أن شركان زج ببعض النسوة في الحرب.
عجب : لا أعلم سبباً لهذا الخلاف المر .. هكذا دأبهم يتحاربون سنة ثم يصمتون وحين يستعيد كل منهم رجاله
يتحاربون، إلى متى ..؟ وما أخبار هذه الحرب الأخيرة بينهم؟
الاثنان : زفت طال عمرك
عجب : التفاصيل.
الأول : في قرية الجبال مات تسعمائة وتسعة وتسعون رجلاً.
الثاني : وفي قرية الحبال مات ألف رجل وواحد..
الأول : كما راح ضحية بينهم سبعون شاباً لم يتزوجوا بعد وعشرون شاباً استمروا عشرين يوماً في زواجهم
فقط في عز العسل.
عجب : كفى .. لا تخبروني عمن ماتوا بل عمن بقي منهم؟
الأول : في قرية الجبال يوجد عشرون رجلاً ستة عشر منهم عميان أما الآربعة الباقون فهم مصابون
بالكساح.
الثاني : في قرية الجبال .. لا يوجد سوى سبعة طال عمرك .. لم يسمعوا بالحرب .
عجــب : لماذا .
الثاني : طرشان طال عمرك.
عـجب : الحرب دمار .. لا أدري أي سبب جعل هذين الواليين يقومان بهذا العمل المدمر..
الاثنان : أتأمرنا بشئ سيدي؟
عـجب : لا .. ولكن استعدوا مع بقية الأعوان لاستقبال ولاة الامبراطورية الذين سيصلون الآن للنظر في
مسألة حرب المجانين هذه .. هيا لعلهم وصلوا الآن .. (يذهبان ويدخل رجل من الأعوان).
الرجل : وصل كل الولاة وهم الآن في قصر الضيوف، الوالي دندان والي قرى الحبال والوالي شركان والي
قرى الجبال والوالي لماع والي قرى الذهب والوالي هزاع والي قرى الفضة والوالي شهاب والي
قرى الخرفنة والوالي حنظل والي قرى الزعفران ووالي قرى الطرب رقاص .. أما والي قرى
السهول فقد اعتذر عن الحضور لوجود كل الولاة..
عجب : سننظر في أمره فيما بعد .. ليؤمروا جميعاً بالاستعداد لاجتماعنا الكبير الذي سنعقده .. ولتأمر رجالنا
بإعداد مكان الاجتماع وليكن هنا في قاعتنا الكبيرة هذه ..
(( إظلام خفيف إذ يقوم عمال الديكور بتجهيز القاعة لتصبح صالحة لمكان الاجتماع وسط أغنية
معبرة عن الجو الساخر وحين يكتمل مكان الاجتماع يضاء المسرح بكامله )).
(نفاجأ بأن الامبراطور عجب العجب لوحده على الطاولة الخاصة بالاجتماع أما بقية الولاة فكل
واحد في ومكان وفي زاوية بعيدة عن الآخر .. فيهم الجالس غضباناً بوضع يده على خده .. ومنهم
من يستند للجدار وكأن مصيبة وقعت على رأسه ويفكر في التخلص منها، وآخر (يمد بوزه) زعلاناً
وآخر جلس القرفصاء وكأنه طفل منع من ممارسة لعبة ما .. عن حالة الخلاف بينهم بصورة
كوميدية ساخرة ).
الإمبراطور: ماذا أصابكم .. مذ دخلتم القاعة وشاهدتم كراسي الاجتماع تباعدتم وتنافرتم وكأني لم أدعكم
لاجتماع بل لحفرة من حفر أصحاب الأخدود .. تعالوا .. تعالوا .. لنجتمع ..
(الجميع يدير وجهه عن الامبراطور كالأطفال عندما يزعلون من والدهم وحبذا لو قاموا بإصدار
صوت الطفل لما يزعل وهو ((هه)) وترافقهم في حركتهم من خلال السماعات بالمسرح (صوت
مرافق لمجموعة تقول :هه)
الإمبراطور : هزاع .. بالله عليك أنت مقتنع بأنت استمراركم بهذا الوضع سيجعلنا نضع حدّاً لحرب دندان
وشركان؟ هذه الحرب التي تقف لتشتغل مرة أخرى .. لماذ لا تريد الجلوس على كرسي
الاجتماع .. ها ..
هــزاع : أنت السبب ..
الإمبراطور: أنا .. ؟
هـــزاع : نعم .
الإمبراطور: كيف ؟
هــزاع : لم تخبرني أنني سأحضر اجتماعاً موسعاً مثل هذا ..
الإمبراطور: في رسالتي كتبت لك .. أرجو الحضور لأمر هام ولا أعتقد بوجود أمر أهم من اهتزاز
إمبراطوريتنا أمام الأمم الأخرى .. بأن يسخروا منا لوجود حب بين الأخوة والأشقاء .. فما ذنبي؟
هــزاع : لم تقل بأن الاجتماع موسع
الإمبراطور: لماذ ؟
هــزاع : لكي لا أحضر.
الإمبراطور: لماذا ؟
هــزاع : أسأل والي قرى الذهب لماع عن السبب؟
الإمبراطور: ألم ننه خلافكم في العام المنصرم؟
هــزاع : أنهي شكلياً.. لكن من حيث الروح موجود.. وأنا قطعت عهداً على نفسي لا أحضر اجتماعاً فيه
عدوي ..
الإمبراطور: وما العمل أنتم أخوان ؟
هـــزاع : أعود إلى قريتي.
الإمبراطور: والحرب تظل قائمة بين الجبال والحبال يروح فيها المئات الضحاياً..
هــزاع : حرب دندان وشركان اعتبرها أمراً مشرفاً وموقفاً بطولياً، لقد تمكن هذا الواليات الجزيئان
البطلان من تجسيد صراعهما وتصعيده إلى حرب .. واضحة لكل العيان .. لكل الناس .. ألست
معي أن مثل هذا الخلاف الصريح أفضل وأشرف من بقية خلافاتنا التي تنخر في إمبراطوريتنا
في الخفاء وسط جو من التظاهر بالصلح والهموم المشتركة والهدف الواحد .. في الوقت الذي
يعمل كل منا على طعن أخيه من الخلف .. خدعاً وخراباً لنا، خلاف ظاهر أن تدمير مستتر ..
اسمح لي بالعودة إلى عملي ..
الإمبراطور: ( شبه متوسل) وإذا قلت لك لنكبر ونرتفع في اللحظة الحرجة هذه على كل شيء .. ونبدأ من
جديد .. أرجوك ..
هــزاع : (وقد أثر فيه التوسل) من أجلك أقبله.. لكن لا أجلس إلى جانب أو مقابل لماع والي قرى الذهب ..
الإمبراطور: تجلس بجانبي .. اتفقنا ؟
هــزاع : اتفقنا ..
(يذهب هزاع ويجلس على الكرسي بجانب الإمبراطور)
(يلتفت الإمبراطور ويذهب تجاه والي قرى الخرفنه شهاب)
الإمبراطور : شهاب .. ما حكايتك؟ .. لماذا لا تريدنا أن نجتمع؟
(شهاب ينظر له دون رد).
الإمبراطور : تكلم يا شهاب .. لا تخيب ظنّي فيك ..
شـهـاب : (لا يرد).
الإمبراطور : رد يا شهاب لماذا أنت صامت ومعرض عن محادثتي ..
شـهـاب : ( يحاول أن يرد ولكنه يتراجع)
الإمبراطور: سأعود إليكم بعد التفاهم مع البقية.
(يذهب تجاه والي قرى الذهب لماع).
الإمبراطور : صاحبك اقتنع وجلس وماذا عنك أنت يا لماع يا والي قرى الذهب؟
لـمـاع : أنا كنت أنتظر هزاع والي قرى الفضة ليجلس حتى لا أجلس بجانبه أو مقابلاً له ..
الإمبراطور: أجلس بجانبي ..
(يذهب لماع ويجلس ويدير ظهره لهزاع)
(الإمبراطور يذهب إلى والي بلاد الزعفران .. حنظل)
الإمبراطور: ما خبرك يا والي بلاد الزعفران حنظل .. لم أتوقع أن يكون هذا منك .. فأنت صديق الجميع ..
مذ توليت الولاية لم يشتك منك أحد ولم تدخل في معركة مع أحد .. سمعتك جيدة .. فلماذا لا تود
الاجتماع لننهي الحرب؟
حـنظـل : كلهم .. كلهم .. بينهم وبين بعض خلافات .. إلا أنا .. لماذا ؟ هل أنا مختلف عنهم؟ .. هم ولاه وأنا
والٍ أيضاً .. لابد أن أختلف على قدم المساواة معهم جميعاً.
الإمبراطور: (يلاحظ فورة حنظل) يا للعجب ألهذا السبب نفرت من الجلوس؟
حنـظـل : نعم .. لا لغيره .. ليس أحد أحسن من أحد .. أريد خلافاً فمن ترشح لي منهم أن يكون عدوي؟ ..
أريد عدواً .. أريد أن أصبح مثلهم جميعاً .. هذه مشكلتي .
الإمبراطور: احمد ربك على أنك لم تختلف .. هذا أنت ترى نتائج خلاف دندان وشركان .. الموت للبشر ..
حـنظـل : (بإصرار وعناد وثقة بما يقول) قلت كلمتي ولن أغيرها وعموماً سأجتمع حتى لا يؤخذ علي هذا
الموقف ولكن ليكن معلوماً لديك أني جئت الاجتماع لاختلف ومصر على الاختلاف ولن
أتزحزح عن طاولة الإجتماع وأعود إلى بلادي حتى أختلف مع واحد منهم وأتراشق معه .. فيني
خلاف .. سأحضر الاجتماع لكن الله يستر من العواقب .. وأنا على مستوى التراشق .. لن أكون
أقل من أي والٍ في الإمبراطورية .. كلهم مختلفون إلا أنا .. لماذا؟ هل أرضعتني نعجة أم أني
والٍ في إمبراطورية مختلفة ؟ .. ها أنذا أجلس والله يستر (يذهب ويجلس)..
(يهز الإمبراطور رأسه ثم يذهب تجاه والي الطرق رقاص)
(رقاص يهتز بأكمله وكأنه غصن بان ).
الإمبراطور: رقاص .. جئت مدعوّاً وأنت الوحيد الذي تعرف سبب الاجتماع .. فلماذا لا تجلس على كرسي
الاجتماع ؟؟ ها ..
رقــاص : أي كرسي .. ؟
الإمبراطور: (يشير للكراسي) هناك .
رقـــّاص : لا أدري .
الإمبراطور: لا تدري .. لماذ، ما سبب إعراضك عن الجلوس؟
رقــاص : أنا لست معرضاً .. بل راغب في الاجتماع لننهي الحرب اللعينة فأنا كوالٍ لقرى الطرب .. أحب
الطرب وأكره الحرب ..
الإمبراطور: إذن لماذا ؟
رقــاص : ( ببرود تام وهو يهتز ) لا أدري .. دخلوا .. دخلت .. رأيتهم تناثروا .. تناثرت .. انزووا ..
انزويت .. تعجبني الحركة .. الحركة الجميلة .. هيئتهم جميلة وهم يتحركون معاً .. ناعمة نحن
نحن النعومة ونكره الحرب .. فأنا بدلاً من أن اشتري سلاحاً أشتري دُفَّاً .. طبلاً .. مزماراً ..
عوداً .. أنا لست معارضاً ..
الإمبراطور: يا للعجب .. هيا إذن إذهب لتحضر الاجتماع ..
رقــاص : احضر الاجتماع وما المانع .. لكن إذا انهضوا نهضت .. أو جلسوا جلست .. أنا معهم معهم ..
عليهم عليهم ..
(يذهب ويجلس).
(يتجه الإمبراطور إلى شهاب)
الإمبراطور: رأيت بأم عينك .. انهم جميعاً على الكراسي.. فماذا عندك أنت أيضاً .
شـهـاب : (يحاول أن يتكلم ).
الإمبراطور: تكلم يا شهاب .. لا يوجد من يسمعك غيري .. قل ..
شـهـاب : أنا ..
الإمبراطور: طبعاً أنت لست زعلاناً مع أحد .
شـهـاب : نعم .
الإمبراطور: إذا ما السبب؟ أخشى أن تقول إنك لا تريد الاجتماع معي أنا ..
شـهـاب : لا ..
الإمبراطور: إذن قل .. لماذا لا تريدنا أن نجتمع ما السبب؟
شـهـاب : (هامساً للإمبراطور ) البواسير .. هي السبب .. لا أستطيع الجلوس .. هذا هو السبب .. سأجتمع
ولكني سأقف أتقبلوني واقفاً ..
الإمبراطور: لا حول ولا قوة إلا بالله .. قف وما المانع ..
شـهـاب : إذا نجتمع .. كنت أستحي أن أقول ..
الإمبراطور: هيا ..
(يتجهان ناحية الاجتماع)
( دندان وشركان كل منهما يتحرك بإشارة من الامبراطور للجلوس)
( الجميع على الطاولة عدا شهاب يقف بجانب والي قرى الطرب رقاص)
رقــاص : (لشهاب) إجلس.
شـهـاب : مرتاح هكذا .